بطولة طبية بمستشفى قها.. إنقاذ شاب من بتر ساقه بعد حادث قطار مروع في عملية استمرت ساعات

تفاصيل الحادث المأساوي
في واحدة من أصعب الليالي التي شهدها مستشفى قها التخصصي بمحافظة القليوبية، استقبل المستشفى بعد منتصف الليل شابًا في العشرين من عمره، كان قد تعرض لحادث مروع إثر اصطدامه بقطار أثناء عبوره أحد المزلقانات. الحادث الذي كاد أن يودي بحياته تسبب في إصابات بالغة ومتعددة، جعلت الأطباء يقفون أمام تحدٍ كبير لإنقاذه من خطر الموت والبتر.

الشاب وصل بسيارة الإسعاف في حالة خطيرة، ينزف بشدة ويعاني من كسور متفتتة وتهتكات في القدم والساق اليمنى، بالإضافة إلى فقد أجزاء من العظام والعضلات، وسط مخاوف حقيقية من فقدان الطرف بالكامل.


استنفار طبي داخل المستشفى
فور استقبال المصاب، تم إعلان حالة الطوارئ داخل المستشفى، حيث باشر فريق الطوارئ عمله على الفور، وتم عمل الفحوصات والأشعات والتحاليل اللازمة لتحديد طبيعة الإصابات. كما تم التنسيق بين أقسام العظام والجراحة والمخ والأعصاب والأوعية الدموية للعمل كفريق واحد لإنقاذ حياة الشاب.

وأوضح بيان المستشفى أن التشخيص الأولي أظهر إصابات بالغة، شملت كسرًا متفتتًا مفتوحًا مع فقد جزء من العظام بالعضد الأيمن وقطع بالعضلات، وكسرًا متفتتًا مفتوحًا بالساق اليمنى مع فقد جزء من العظام وتهتك القدم اليمنى بالكامل وقطع الأوتار والعضلات، إلى جانب كسر بعظام القدم.


عملية جراحية معقدة قبل طلوع الفجر
تحت إشراف مباشر من مدير المستشفى الدكتور كامل خالد، بدأ تجهيز المريض للجراحة الكبرى بعد تحضيره من قسم التخدير وتوفير الدم والبلازما اللازمة. ومع اقتراب ساعات الفجر، دخل الفريق الطبي غرفة العمليات في سباق مع الزمن لإنقاذ الشاب من خطر البتر.

بدأت العملية الدقيقة بقيادة الدكتور أشرف فوزي استشاري جراحة العظام والحوض، بمشاركة الدكتور أشرف مبارك رئيس قسم العظام، والدكتور أحمد الجويلي، والدكتور أحمد عبد المولى، والدكتور محمد المصري نواب العظام، وفريق التخدير برئاسة الدكتور محمد سعيد استشاري التخدير، والدكتور أحمد عبد القادر، والدكتور محمد حمدي أخصائي الأوعية الدموية، إلى جانب طاقم التمريض المتميز.

تم خلال العملية إعادة توصيل الأوتار والعضلات المتهتكة بدقة عالية، وتثبيت الكسور باستخدام مثبتات خارجية وأسلاك معدنية ومسامير دقيقة، وسط حالة من التركيز الكامل والعمل المتواصل الذي استمر لساعات طويلة داخل غرفة العمليات.


تحدٍ بين الأمل واليأس.. والفريق يرفض الاستسلام للبتر
كانت الحالة بالغة الخطورة، والاحتمال الأكبر هو بتر الساق نظرًا لشدة التهتك والنزيف، لكن عزيمة الفريق الطبي وإصرارهم على إنقاذ الطرف غلبا كل التوقعات. وبعد مجهود كبير، نجح الأطباء في إنقاذ الساق من البتر وإعادة الدورة الدموية إليها، لتعود الأمل للحياة من جديد في عيون الشاب وأسرته.

أحد أعضاء الفريق الطبي وصف اللحظات الأخيرة قبل انتهاء العملية بأنها “كانت سباقًا مع الزمن بين الأمل واليأس”، مشيرًا إلى أن التعاون الكبير بين الأقسام هو ما جعل النجاح ممكنًا.


تكاتف جميع الأقسام.. وملحمة إنسانية داخل المستشفى
لم يكن نجاح العملية وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تكامل الأدوار داخل المستشفى منذ لحظة دخول المريض قسم الطوارئ وحتى نقله للعناية المركزة.
شارك في نجاح العملية كل من الدكتور مروان نصار، والدكتورة نجلاء زكريا مشرفة الاستقبال، وفريق العناية المركزة بقيادة الدكتور حسين السيسي، إلى جانب الطاقم التمريضي الذي تابع الحالة لحظة بلحظة.

وأعرب مدير المستشفى الدكتور كامل خالد عن فخره بالفريق الطبي، مؤكدًا أن ما تم هو نموذج للعمل الجماعي القائم على التفاني والإنسانية قبل أي شيء آخر، مشيرًا إلى أن المستشفى تواصل دورها في تقديم خدمات طبية متقدمة لأبناء محافظة القليوبية.


إشادة ودعم من الإدارة الصحية
من جانبها، أثنت مديرية الشؤون الصحية بالقليوبية على الجهود التي بذلها فريق مستشفى قها، مشيرة إلى أن ما حدث يعكس كفاءة الطواقم الطبية بالمستشفيات الحكومية، وقدرتهم على التعامل مع الحالات الحرجة بدقة وكفاءة تضاهي المستشفيات الكبرى.


ختامًا.. رسالة أمل وحياة جديدة
اليوم، يرقد الشاب داخل العناية المركزة في حالة مستقرة بعد أن تجاوز مرحلة الخطر، لتتحول قصته من حادث مأساوي كاد أن ينهي حياته إلى ملحمة طبية وإنسانية أعادت له الأمل في الحياة من جديد.
إنها قصة بطولة جديدة تُضاف إلى سجل إنجازات مستشفى قها التخصصي، تؤكد أن خلف الجدران البيضاء هناك أبطال لا يحملون أسلحة، بل يحملون أدوات طبية وقلوبًا تنبض بالإنسانية.

Exit mobile version