قصة صديقين أنهى القدر رحلتهما على طريق قليوب

في صباح هادئ من أيام قليوب، كان الطريق يسير كعادته، الناس في أعمالهم، والسيارات تتحرك بوتيرة الحياة المعتادة، حتى قطعت الصمت لحظة مأساوية غيّرت كل شيء.

عند مزلقان العادلي، حيث يمر المئات يوميًا، وقع حادث صادم أنهى حياة شابين لم يتجاوزا التاسعة عشرة من عمرهما، “عبدالرحمن محمد شعبان” و”طارق”، بعد تصادم دراجتهما النارية بسيارة ملاكي.

تلقى اللواء أشرف جاب الله، مدير أمن القليوبية، إخطارًا بالواقعة، وسرعان ما انتقلت الأجهزة الأمنية والإسعاف إلى المكان. دقائق قليلة كانت كفيلة بتحويل المشهد من طريق مزدحم إلى ساحة صمت وذهول.

الدراجة النارية كانت ملقاة على جانب الطريق، وأحد الأهالي يحاول الاتصال بالإسعاف، بينما آخرون يهرولون بخطوات متوترة في محاولة للمساعدة.
وسط المشهد، وقفت مجموعة من الشباب، أصدقاء الضحيتين، لا يصدقون ما يرونه. قبل ساعات قليلة فقط كانوا معًا يتبادلون الحديث والضحك، والآن يودعونهما دون كلمات.

قال أحد الجيران: “كانوا دايمًا سوا.. حتى لما تشوف واحد في مكان، تعرف إن التاني قريب منه”.
وأضاف آخر: “اللي حصل وجّع قلب البلد كلها.. محدش مصدق إنهم راحوا”.

لم يمر وقت طويل حتى وصلت سيارات الإسعاف، وتم نقل الجثمانين إلى مستشفى قليوب العام، بينما بدأت النيابة العامة تحقيقاتها في الواقعة، وأمرت بالتصريح بدفنهما بعد استكمال الإجراءات القانونية.

في المساء، بدا الحي مختلفًا. لم تكن الأصوات المعتادة تُسمع، ولا تجمعات الشباب التي تملأ المكان بالضحك والمرح. جلس الأهالي أمام منازلهم في صمت ثقيل، يتبادلون الدعوات بالرحمة للشابين، ويتحدثون عن خطورة السرعة على الطرق، وعن غفلة اللحظة التي لا تعود بعدها الحياة كما كانت.

يقول أحد كبار المنطقة: “الطريق ده شهد حوادث كتير، بس المرة دي وجعت الكل.. صعب تشوف شباب صغير رايح في لحظة”.

كلماته كانت بسيطة، لكنها حملت مشاعر مجتمع بأكمله فقد اثنين من أبنائه في حادث لم يستغرق ثوانٍ.

مرت الساعات، لكن أثر الحادث لم يمر بسهولة. ظلت صور عبدالرحمن وطارق تتداول بين أصدقائهما على مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة بعبارات وداع ودعاء، وكأن الجميع يحاول أن يصدق أن ما حدث ليس إلا حلمًا سيئًا.

قصة الشابين لم تكن مجرد حادث على طريق مزدحم، بل تذكرة مؤلمة بأن اللحظة العابرة قد تغيّر حياة أسر بأكملها، وأن الطرق — مهما بدت مألوفة — تحمل دائمًا ما يستحق الانتباه والحذر.

Exit mobile version