رئيس جامعة بنها ووكيل الأزهر الشريف يفتتحان ندوة “الإيمان أولًا”.. دعوة لبناء الإنسان وترسيخ القيم في مواجهة تحديات العصر

في مشهد يجسد تكامل الفكر والعلم والإيمان، افتتح الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، الندوة الفكرية الكبرى التي نظمتها جامعة بنها بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية تحت عنوان “الإيمان أولًا”، وسط حضور لافت من القيادات الجامعية والدينية، وأعضاء هيئة التدريس، وطلاب الجامعة، في خطوة جديدة تعكس اهتمام الجامعة بغرس القيم الإيمانية والفكر الواعي في نفوس الشباب الجامعي.

شهدت الندوة حضور الدكتورة جيهان عبد الهادي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد عبد الدايم، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور حسن إبراهيم، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة، إلى جانب عدد من القيادات التنفيذية بمحافظة القليوبية، ومدير التربية العسكرية، ولفيف من العلماء وأعضاء هيئة التدريس وطلاب الجامعة.

🔹 الإيمان حجر الأساس لبناء الإنسان والمجتمع

في كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور ناصر الجيزاوي أن اختيار عنوان الندوة “الإيمان أولًا” لم يأتِ من فراغ، بل ليكون بمثابة دعوة لتجديد المفاهيم وبناء الإنسان من الداخل، قائلًا:

> “حين نضع الإيمان أولًا، فإننا نضع حجر الأساس لكل بناء إنساني وروحي ووطني، فالإيمان هو النور الذي يضيء لنا طريق الحياة، وهو القوة التي تدفعنا نحو الخير، وتمنحنا الثبات في وجه المحن، والطمأنينة في قلب العواصف.”

 

وأضاف أن الإيمان ليس شعارات أو كلمات تُقال، بل هو سلوك يُعاش في الصدق والأمانة والرحمة والعمل الصالح، مشيرًا إلى أن الإيمان بالله يمنح الإنسان راحة داخلية تجعله متصالحًا مع ذاته ومع الكون من حوله، مؤكدًا أن الأمم التي تُبنى على الإيمان تُصان فيها القيم، ويُرسم فيها مستقبل مشرق للأجيال القادمة.

🔹 الإيمان بالوطن.. انتماء وعطاء

ولفت “الجيزاوي” إلى أن الإيمان بالله لا ينفصل عن الإيمان بالوطن، فالوطن – كما قال – ليس مجرد أرض نعيش عليها، بل هو هوية وانتماء وتاريخ ومستقبل، والإيمان بالوطن يعني أن نحبه، ونحميه، ونعمل على نهضته واستقراره.
وأضاف:

> “الإيمان بالوطن هو أن نزرع فيه الخير، ونحصد فيه الأمل، وأن نرفض كل ما يهدد أمنه واستقراره، فالوطن يحتاج إلى من يؤمن به في كل الظروف، لا من يتخلى عنه عند أول اختبار.”

 

وأوضح رئيس الجامعة أن الإيمان هو البوصلة التي توجه الإنسان نحو الحق، وتمنعه من الانحراف، وأن الإيمان الصادق هو الذي يجمع بين الروح والعقل، بين القلب والعمل، بين الفرد والمجتمع.

🔹 الإيمان بالقدر.. يقين ورضا وثبات

وفي جزء مؤثر من كلمته، تناول “الجيزاوي” الحديث عن الإيمان بالقدر كأحد أركان الإيمان، مؤكدًا أن كل ما يحدث في الكون من خير أو شر هو بتقدير الله وحكمته، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: “واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.”
وأضاف أن الإيمان بالقدر لا يعني التواكل أو الاستسلام، بل هو دعوة للسعي والعمل مع اليقين بأن النتائج بيد الله، مشيرًا إلى أن المؤمن حين يرسخ هذا المعنى في قلبه، يصبح أكثر رضا وأقل خوفًا من المستقبل، وأكثر صبرًا على الابتلاء.

واختتم رئيس الجامعة كلمته بدعوة الجميع إلى جعل الإيمان منهج حياة قائلًا:

> “فلنجعل الإيمان نبراسًا يضيء طريقنا، وعهدًا نلتزم به في علاقتنا بالله، وفي حبنا لوطننا، فبالإيمان نحيا، وبه نرتقي، وبه تُبنى الأمم وتُصان القيم وتُرسم ملامح المستقبل.”

 

🔹 وكيل الأزهر: الدعوة إلى الله تكليف إيماني ورسالة خالدة

من جانبه، نقل الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مشيدًا بدور جامعة بنها في احتضان الفكر الوسطي ونشر القيم الدينية الصحيحة، ومهنئًا الحضور بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة.
وأكد أن الدعوة إلى الله واجب إيماني وتكليف شرعي، وهي مهمة الأنبياء والرسل وطريق العلماء والمصلحين، موضحًا أن ما تواجهه الأمة اليوم من تحديات فكرية وثقافية يتطلب تعزيز العمل الدعوي القائم على الفهم الصحيح والوسطية والاعتدال.

وقال الضويني إن التمسك بتعاليم الدين والهوية الأصيلة والتقاليد الراسخة هو المنطلق الحقيقي لأي نهضة، مشددًا على أهمية تلقي العلم الديني على يد العلماء المتخصصين، لأن الفتوى الخاطئة قد تفسد المجتمع بأكمله، تمامًا كما قد تؤدي العملية الطبية الخاطئة إلى وفاة المريض.

🔹 تعزيز الوعي الديني والفكري لدى الشباب

وفي كلمته، أوضح الدكتور محمد عبد الدايم، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن تنظيم سلسلة من الندوات داخل الجامعات المصرية يأتي ضمن خطة الأزهر الشريف للتواصل المباشر مع الشباب الجامعي، وحمايتهم من الفكر المتطرف ومحاولات استقطابهم.
وأشار إلى أن الإيمان هو الركيزة الأولى في حياة الإنسان، وهو الذي يمنحه القدرة على تحقيق التوازن بين الطموح المادي والاحتياجات الروحية، مؤكدًا أن مواجهة الأفكار المنحرفة لا تتحقق إلا ببناء وعي رشيد وفهم صحيح للدين.

🔹 دعم مبادرة “بداية جديدة لبناء الإنسان”

كما أكد الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة، أن إطلاق هذه السلسلة من الندوات يأتي في إطار تنفيذ مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي “بداية جديدة لبناء الإنسان المصري”، مشيرًا إلى أن الهدف هو مد جسور الحوار مع الشباب، وتلبية احتياجاتهم الروحية والفكرية، وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة لديهم.
وأضاف أن الشباب هم حماة الوطن، وأن بناء وعيهم الديني والفكري هو خط الدفاع الأول ضد التطرف والانحراف الفكري.

🔹 تفاعل طلابي مثمر وحوار مفتوح

وفي ختام الندوة، تم فتح باب الحوار والمناقشة أمام طلاب الجامعة، الذين طرحوا العديد من التساؤلات حول مفاهيم الإيمان، ودور الدين في مواجهة التحديات المجتمعية، وأهمية الجمع بين العلم والإيمان في بناء الشخصية المتكاملة.
وقد أجاب المشاركون عن الأسئلة في أجواء من التفاعل والاحترام المتبادل، وسط إشادة من الحضور بما قدمته الندوة من فكر مستنير ومضمون تربوي رفيع.

🔸 جامعة بنها.. منبر للعلم والإيمان

بهذه الندوة، تؤكد جامعة بنها مكانتها كمنبر للعلم والفكر والإيمان، ورسالتها في بناء الإنسان قبل البنيان، عبر مبادرات تستهدف العقول والقلوب معًا، لترسيخ قيم الانتماء، والإيمان، والعمل، والأمل في نفوس شبابها، ليكونوا بحق جيلًا قادرًا على صناعة المستقبل بإيمانٍ وعلمٍ ووعيٍ راسخ.