أحمديات .. رحل رمز الوفاء للصداقه

الكاتب الصحفي: أحمد عبد الكريم
عرفته منذ25 عاما عندما كنت رئيسا لتحرير جريدة القليوبيه التي تصدر عن محافظة القليوبيه ورئيس مجلس إدارتها محافظ الإقليم..
هو كان إيماما وخطيبا لأحد المساجد بقريته دملو مركز بنها وفي نفس الوقت كان يعمل مراسلا لجريدة القليوبيه.. كان من انشط المحررين ويقوم بتنفيذ أي تكليفات من رئيس التحرير بحب وإخلاص وتفاني في العمل و لا يدخر جهدا ويعمل في صمت وكان يتقاضي مبلغا بسيطا ولكنه لا ينظر الي هذه الجنيهات رغم احتياجه اليها فهو يعشق مهنة الصحافه ولو كان يعمل في مؤسسه صحافيه كبرى لكان له شأن كبير ..
انه الرجل طيب القلب نقي السريره الزاهد الصابر الراضي بما قسمه الله له .. انه الأخ والصديق الصدوق الغالي الشيخ السيد عبد الصمد الذي فاضت روحه الطاهره صباح الثلاثاء الماضي (وقفة عرفات) .. تلقيت إتصالا هاتفيا من ابنته الكبرى في الساعه التاسعه صباحا تخبرني بأن والدها انتقل الى رحمة الله ..
وقع الخبر علينا كالصاعقه .. إنتابتني حاله من البكاء الشديد لأن هذا الرجل اعتبره رمزا للوفاء .. كان يحبني حبا منزها عن كل غايه مخلصا لعمله ولي ولزملائه ولمجتمعه .. يساعد كل محتاج ما أمكن ذلك وفي حدود قدراته .. يراعي الله في كل تصرفاته .. من حبه في عمله بجريدة القليوبيه كان يقوم بتوزيع الجريده على بائعي الصحف مستخدما دراجته البدال في تنقلاته .. لا يكل ولا يمل من العمل .. عم الشيخ السيد عبد الصمد كان بسيطا في ملابسه وفي طعامه وشرابه وفي سكنه المتواضع جدا حيث أقام بيتا صغيرا على مساحة نحو 50 مترا.. وفي حجره بسيطه للغايه بالطابق الارضي بها سرير وكنبه وحصيره ينام فيها ويقوم بتحفيظ القرآن الكريم لأطفال قريته .. عم الشيخ السيد عبد الصمد انجب ثلاثة ابناء(ولد وبنتان)وأكرمه الله بزواج اولاده .. أقام طابقا ثانيا لولده الوحيد الذي انجب ثلاثة ابناء وفاجأة تلقى صدمه شديده حيث لقي ولده الوحيد مصرعه في حادث أليم تاركا لأبيه ثلاثة اطفال في عمر الزهور وبقلب مؤمن صابر إحتسب أمره لله وبعد عدة سنوات توفت زوجته المخلصه وتولى تربية احفاده وبعد أن كبروا وخرج الشيخ السيد عبد الصمد على المعاش .. قامت زوجة نجله بطرده من المنزل البسيط الذي كان يأويه ويقوم فيه بتحفيظ القرآن لأبناء قريته.. ولأنه رجل طيب لا يحب المشاكل ترك لها المنزل وأقام مع ابنته الكبرى في دملو بعض الوقت ثم مع ابنته الثانيه المتزوجه في شبرا الخيمه .. أخذ الرجل الطيب ينتقل بين إبنتيه وكان دائم الاتصال بي وعندما يعلم بأي ندوه ثقافيه تتناول مناقشة أي كتاب جديد لي يحضر قبل موعد الندوه بثلاث ساعات دون مبالغه .. أجده واقفا ينتظرني ويلقاني ببشاشة وجهه ذو الملامح الطيبه المريح للقلوب الطيبه مثله .. ظل على هذه الحال معي سنوات و سنوات .. عاش معي كل النجاحات في جريدة القليوبيه وعاش معي المؤامرات التي كانت تحاك ضدي من بعض الكارهين لأي نجاح نحققه وبعد عشر سنوات من النجاح في جريدة القليوبيه تركتها لأنني لم اتحمل الصراعات والدسائس بعد أن أديت واجبي على اكمل وجه وتخرج من تحت يدي عشرات الصحافيين الذين يعملون الآن في معظم الصحف الكبرى وفي القنوات الفضائيه ذات الجماهيريه.. لم يحتمل الشيخ السيد عبد الصمد وبعض الزملاء الأوفياء الإستمرار في الجريده وانضموا الينا عندما توليت رئاسة تحرير جريدة “المنار الخاصه” التي كانت تغطي كل محافظات مصر وتطلب عملا شاقا وعمل معي السيد عبد الصمد لمدة عامين وكلما توليت رئاسة تحرير جريده إقليميه كان السيد عبد الصمد احد أعمدة هذه الجريده الي أن تركت الصحافه وتفرغت لإصدار الكتب الأدبيه منذ خمس سنوات وحتى الآن الي جانب حضوري في الصالونات الثقافيه في القاهره والقليوبيه والغربيه والإسماعيليه والإسكندريه والتي كنت أداوم علي حضورها حتى أنشأت” مؤسسة بيت الكاتب للثقافه والإبداع” وكان عبد الصمد سعيدا للغايه وللنجاح الذي حققه بيت الكاتب ..
وقبل رحيله بثلاثة ايام فقط اتصل بي هاتفيا وأخذ يدعو لي ولأولادي وأن يكتب الله لي أداء فريضة الحج وسألته اين هو الآن؟ فقال لي انه عند ابنته في قرية دملو .. دعوت له بالخير وبالستر والرضا والسعادة في الدارين وطلبت منه عندما يأتي الى ابنته بشبرا الخيمه يزورني ولكنه لم يأت ورحل السيد عبد الصمد وتم تشييع جنازته في مشهد مهيب تحدث عنه الجميع ..
رحل السيد عبد الصمد رمز الوفاء للصداقه.. ليعطي درسا للآخرين بأن من يزرع حبا و ودا يحصد حبا و ودا.
سلام ورحمة لك يا اعز الاحباب يا من جسمت الوفاء في شخصك المتواضع .. سلام عليك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.