أقلام حرة

حاتم عامر يكتب مجرد رأى.. رسالة إلى من لا يهمه الأمر

عندما يتجاذب الناس فى مصر أطراف الحديث ويأتي الحديث عن الشعوب الأوربية نجدهم مشدوهين منبهرين بمفردات هذه الحضارة وإعجابهم الشديد بسلوكيات أبناء هذه المجتمعات وحسن تصرفهم ويبدأ نوع من الإسقاط يحاول كل فرد من خلاله أن يلقى بتبعة ما وصلنا إليه من حال مقارنة بنظرائنا من الأجانب على بقية الشعب ويكأن هذا الشخص المتحدث قد خلا من كل عيب ونقيصة والأعجب أنه يحاول إظهار نفسه فى صورة حامى حمى الفضيلة والمثل العليا التى يفسدها من يعيشون معه على هذه الأرض
_ ونحن فى طريقنا إلى بناء الجمهورية الجديدة والتي نطمح من خلالها أن نكون دولة قوية متقدمة نعيد مجد الأسلاف نستلهم الماضي نبراسا للحاضر لنصل به إلى المستقبل يجب علينا أن ننظر إلى أحوالنا وتعاملنا اليومي المعتاد لنعرف أين نحن على الطريق وعندما نقارن أفعالنا مقارنة بغيرنا نعرف أن العيب فينا والتقصير راجع إلينا
_يقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا **وما لزماننا عيب سوانا
فعندما سافر الشيخ محمد عبده رائد الحركة التنويرية الحديثة فى مصر إلى فرنسا فى بعثة تعليمية وعاد أخذ الناس يسألونه عن حال الغرب وسر تقدمهم فكانت إجابة الشيخ صادمة لمن سأله فقال (وجدت فى فرنسا مسلمين بلا إسلام )
وكان الإمام يقصد بالفعل أن الأوربيين أخذوا مبادئ الإسلام ونظمه وطبقوها فى حياتهم فتحقق لهم الفلاح والنجاح والازدهار الذى نشدوه
_ركائز الحضارة :
أية أمة تسير فى طريقها نحو التقدم لابد أن تضع ركائز تعتمد عليها فى نهضتها وهذه الركائز ربما تكون أعمدة ثابتة لا تختلف من بلد لآخر ألا وهى العلم _( العمل الجاد المتقن _الأخلاق) والأخلاق هنا بمعناها العام الفضفاض الذى يعنى اتساق أفعال الإنسان وتصرفاته مع مبادىء الدين والأعراف والتقاليد الصحيحة التى تعارف عليها الناس فى كل زمان ومكان فأضحت جزءا لا ينفصل عن حياتهم
_ سلوكيات مرفوضة فى مجتمعنا المصرى:
1_ عدم احترام الطريق العام
يتعجب الناس فى كل بقاع الأرض من الشعب المصرى فى تعامله الفج مع الطرق العامة _ إشغال غير مبرر للطريق وكأن الناس ليس لهم حق المرور حتى على أرجلهم وكأن الشاغل قد ورث الطريق عن أسلافه وأجداده _ شباب يسير فى فوضى ووقاحة منقطعة النظير لا يأبه بالآخرين يرفع الصوت الذى يعلو على الذوق العام ليعلن هذا الشباب المستهتر شعاره غير المعلن أنا لا أحترم الآخرين وفى هذا الصدد حدث ولا حرج عن المرور وما يرتكبه قائدو السيارات فى الطرقات من مخالفات لقواعد المرور بكل أشكالها والنتيجة أناس يفقدون أرواحهم كل عام بلا ذنب أو جريرة سوى أنهم ساروا فى طريق تسيده أرعن يختال بنفسه قد هانت عليه دماء الناس فأراقها
2_عدم احترام الطابور والنظام :
مما يدعو للأسف أننا من أكثر الشعوب التى تعادى الالتزام بالنظام وبثقافة الطابور المنظم والتي تعنى هذه الثقافة فى جوهرها تحلى الملتزم بها بالعدل وعدم الجور على حق الآخرين _ إن الالتزام بالنظام دليل على تحليك بقدر من الصدق فى احترامك لنفسك أولا ثم للآخرين
3_الغش:
يعتصر القلب ألما وحزنا وأنا أتابع البيانات التى تعلنها وزارة الداخلية كل يوم عن ضبط مواد غذائية وغيرها قد تم غشها وبيعها فى الأسواق _أناس من بنى جلدتنا أعماهم الطمع والجشع هانت عليهم الناس وحياتها ففضلوا الثراء الحرام على حياة الناس وحياتها وإياك أن تنسى الغش فى الامتحانات والذى ظنه الطلاب حقا مكتسبا لهم وبالطبع المعلم الشريف الذى يقف حجرا عثرة أمام هذا الجرم ينكل به من الطلاب وأولياء أمورهم وقد تكون النتيجة أفدح الموت
4- الشائعات والغيبة والنميمة :
الشائعات والغيبة والنميمة خطر مابعده خطر يدمر المجتمعات ويشعل النيران الخامدة لتلتهم الأخضر واليابس فمروجو الشائعات والغيبة والنميمة وخاصة فى أوساط العمل يهدفون دائما إلى الخراب والدمار أعماهم الغل والحقد ونفس مريضة ودونية اتصفوا بها إلى إيذاء الآخرين وإيلامهم بما تلوكه ألسنتهم من سم رعاف ولا جريرة للمجنى عليهم إلا أنهم أنقياء أسوياء
5_التقليل من نجاحات الآخرين:
يعد التقليل من نجاح الآخرين خطر يواجه مسيرة التقدم فى بلدنا الحبيب مصر لاعتقاد من يفعل ذلك أن الناجح ربما يأخذ مكانه وهذا بالطبع انعدام فى ثقة الشخص بنفسه فلو كان يثق فيما يملك من قدرة فى نفسه ما خاف لأن قدرته على الإبداع والطمأنية ستؤدى به إلى الإطمئنان
6_ السوقية فى التعامل:
ابتلينا فى زمننا هذا بأساليب تنافى القيم والأخلاق التى تربينا عليها _ كلام فج بذىء – لااحترام للكبير – تهكم وسخرية من الأدنى للأعلى قيمة ومكانة – فتيات تخلين عن الحياء بكل ما تحمله الكلمة – شباب ضائع فقد كل معانى النخوة والكرامة
7- التنمر:
التنمر من السلبيات التى جدت على الشعب المصري ومن وجهة نظري أن المتنمر إنسان غير متزن نفسيا ولاأخلاقيا بل ويفعل جرما كيف تعتدى على إنسان له ذنب فيما ابتلى به لقد علمنا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم شكر نعمة التعافي مما ابتلى به الآخرون فكان يقول إذا من هو أقل منه فى استواء الخلقة ( الحمد لله الذى عافاني مما ابتلى به غيرى وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا)
8_التعدى على حرية الآخرين :
من العادات السلبية فى مجتمعنا التعدي على حرية الآخرين بحجة أننى حر أفعل ما أشاء وهذا هو الفهم الخاطئ للحرية حريتك تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين فلست تعيش وحدك ولكن معك أناس عليك أن تحترمهم وتحترم حقهم فى الحياة وتتجنب ما يؤذيهم ويضايقهم كما تحب أن يعاملوك عاملهم
9- المبالغة فى نفقات الزواج:
الزواج شعيرة مقدسة ومقصد من مقاصد تقوى الله فى الدين أصبح الآن عبئا وأزمة من أزمات الشباب بسبب المغالاة فى نفقات الزواج وكأن الزواج بات مجالا للتنافس والاستعراض بين الناس حتى ولو أدى بهم الأمر إلى الاستدانة والسجن بفعل الديون مما أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج
10- ثقافة التشكيك وسوء الظن:
عند بناء الوطن يجب أن يتكاتف الجميع للوصول بسفينة الوطن إلى بر النجاة ولكننا نجد تشكيكا يكون فى كثير من الأحيان متعمدا ولاسيما من النخبة المثقفة وقد يتعدى الأمر إلى طبقات الشعب المختلفة وهذا بطبعه يؤثر على الثقة المتبادلة والتى يفترض أن تأخذ بأيدينا نحو المستقبل المشرق
**تفسير متواضع للسلوكيات السابقة:
1- تغليب النزعة الفردية على ما عداها
2- الانانية المفرطة والطمع
3- غياب الوازع الدينى
4- غياب دور الأسرة والتربية الإيجابية
5- ثغرات القانون التى تمكن الخارجين عليه من الإفلات من العقوبة
**إشارات فى طريق العلاج :
1_ يجب أن نعيد النظر فى منظومتنا القيمية والأخلاقية من جديد وأن يؤدى كل فرد له صلة بهذه المنظومة واجبه على أكمل وجه
2_أن يطبق القانون بشكل صارم وعلى الجميع لأنه من أمن العقوبة أساء الأدب
3_أن نعيد النظر فى خطابنا الدينى ليتماشى مع مستجدات الوقت الراهن
4_وضع برامج مقنعة وفعالة توجه للشباب لتغرس فى نفوسهم حب الوطن والولاء والانتماء له
** وأخيرافإن هذ الوطن عظيم عظمة تاريخه الذى كان مثار فخر وعزة على مدى التاريخ يستحق منا أن نبذل الغالي والنفيس فى سبيله نحن أحق به وهو أحق بنا ولن يرتقى إلا بنا وأخلاقنا وقيمنا وعادا تنا الحميدة جزء من لبنات بناء صرحه العظيم فلنكن بناءين مهرة يعل بنا صرح الوطن العظيم مصر وينهض حفظ الله مصر وأرشد شعبها إلى ما فيه خيرهم
بقلم
حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى