أقلام حرة

حاتم عامر يكتب مجرد رأى… رمضان وصحتك النفسية

للعبادات فى الإسلام فلسفة من آدائها أرادها الشارع جل شأنه والتى تمثل فى جوهرها مقصدا مهما من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية وكان على رأسها حفظ النفس بكل ما يشمله ويحتويه هذا المقصد من تفاصيل وأركان تصب فى مضمونها فى مصلحة الإنسان وتضمن له السعادة والانسجام مع الحياة التى يحياها ومع المجتمع الذى ينتمى إليه وعندما فرض الله الصيام لم يكن الهدف هو تعذيب الناس وحرمانهم من مأكلهم ومشربهم وإشباع غرائزهم فينتج عن ذلك الغضب والتأفف وعدم التحكم فى انفعالات النفس كما نرى حال الكثير من الناس ولكن الأمر مختلف اختلافا جذريا عن اعتقاد الناس وتصورهم فالصيام وراءه حكمة ربانية عظيمة أساسها رحمة وإضافة إلى الروح المعذبة التى تتوق إلى السلام والأمن والخير فى الحياة
_عندما يتأمل المسلم فى فلسفة الصيام وحكمته يجد أنها فى المقام الأول عملية تربوية تهدف إلى الارتقاء بالنفس الإنسانية وإبعادها عن إشباع رغبات النفس وغرائزها دون التحكم المنضبط فكثير من الناس لا يملكون صرفا لتعلقهم المفرط فى تناول الطعام والمشروبات مثل القهوة والمشروبات الغازية والتدخين وبالتالى يصبح الإنسان قادرا على درء الخطر عن نفسه والابتعاد عن كل ما يؤذيه ويتسبب فى هلاكه ودماره
** التأثير النفسى للصيام على الصائمين:
1- يكسب الصوم المسلم ثباتا نفسيا وانفعاليا كبيرا إذ يسلحه بالصبر ويدربه عليه فالصبر يعد سلاحا معنويا رهيبا تتسلح به الأمم فى مواجهة كل ما يعتريها من تحديات وما يواجهها من شدائد وقد حبب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك المعنى فقال (رمضان شهر الصبر وإن الصبر ثوابه الجنة)
2- رمضان شهر يأتى كل عام فهو بمثابة تدريب وتمرين على ما اصطلح عليه علماء النفس ( بتأهيل الاشباع )فرمضان شهر يمتنع الإنسان فيه عن إشباع رغبات نفسه والتحكم فيها وتوجييها توجيها سليما مثاليا وهذا من شأنه تعزيز فكرة تكامل الشخصية ونضجها والوصول بها أن تكون ذاتا مؤثرة ناجحة فى محيطها
3- يقوم الصوم بدور المرشد والموجه والمؤدب للنفس الإنسانية فيعمل على تهذيبها وصقلها بحلية الأخلاق ويوجد فى داخلها هالة من الشفافية والتى تولد فى الإنسان طاقة نورانية تكون ضياء له فى حياته يسير على هداها متجسدة فى ضمير يقظ يأخذ بيديه فى دروب الحياة المكفهرة فتبدد كل الظلمات وتضعه على الطريق الصحيح
4- من فقه المعنى الحقيقى للصيام فإنه يكتسب بصومه وقاية وحماية فعالة من أمراض نفسية مثل الأرق والإكتئاب والقلق والتوتر الجسدى والنفسى
5- يؤدى الصوم إلى حالة من الاسترخاء نتيجة الاستجابة الدينية الجيدة لمقتضيات الصوم وبالتالى يصبح المسلم أقوى إرادة ولديه كم من الاستقرار النفسى والعاطفى
6- يعد الصوم أداة فعالة لضبط السلوك وتوجيهه نحو الأفضل ومن ثم إقامة علاقات اجتماعية ناجحة مع المحيطين مما يؤدى إلى سعادة الإنسان وتخلصه من الانعاكسات السلبية لسوء تعامله مع الآخرين
7- يخلق الصيام حالة شعورية فى إحساس الإنسان بالمسئولية تجاه أفعاله وضبطها وتجاه واجباته الدينية وتجاه الآخرين مما يعزز من كونه عنصر فعال فى مسيرة الحياة وتوجهاتها
8- يساعد الصيام المسلم الصادق على شعوره بالراحة والسعادة والطمأنينة لأنه أرضى ربه جل وشأنه فامتنع عن كل ما يغضب الله عليه
9- يؤدى الصوم إلى تقوية الإرادة من ثم يتغلب المسلم على كل ما يواجهه فى قابل حياته من تحديات وضغوطات قد تؤثر عليه وتدفعه إلى اليأس والإحباط
10- من ثمرات ونتائج الصوم أن يتعلم المسلم الصدق فى القول والعمل وهذا بدوره يساهم فى إيجاد الشخصية القوية التى تتمتع بقدر كبير من الحيادية والتنزه عن الظلم وعن الكذب وعن كل ما يشين النفس
11- يؤدى الصوم إلى إدراك الإنسان النعم الإلهية العظيمة عليه والعطاء الربانى له مما يشعره بلذة الرضا والقناعة فترتاح نفسه وتهدأ ويشعر أنه أفضل من غيره حالا
12- يؤدى الصوم إلى خلق حالة من الاعتدال والتوازن النفسى فى سلوك الإنسان ومن ثم الوصول به إلى الوسطية فيسعد ويفرح بهذا الأمر
13- يحقق الصوم غاية عليا تمثل المبتغى من وجود الإنسان فى الحياة وهى تقوى الله وخشيته ومراقبته فى السر والعلن ومن يستشعر المسلم رضا الله عنه فيسر ويسعد ويعيش حياة هانئة طيبة
**و أخيرا فإن رمضان مدرسة إيمانية وتربوية عظيمة يتعلم منها الإنسان كيف يكون عنصرا ناجحا فى حياته فى علاقته بربه وفى علاقته بالآخرين قادرا على تحقيق الانضباط المطلوب له فى الكون فيعيش راضيا مستفرا متوازانا فى قواه النفسية مقبلا على الحياة بنفس آملة فرحة مطمئنة سعيدة
بقلم
حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى