أقلام حرة

حاتم عامر يكتب.. مجرد رأى “سلاما على من تغنى بحنانها الشعراء” 

ونحن على أعتاب يوم أتخذ رمزا للاحتفال والاحتفاء بكل أم خطر ببالى أن يكون ما أكتبه هو كيف نظر الشعراء إلى الأم والأمومة فالأمومة فى أصلها فكرة شعرية وشعورية فكان الشعر هو الأجدر أن يصور ويرسم صورة كلية لذلك المشهد الذى لايمكن أن تجد له مثيلا فالعلاقة بين الأم وأبنائها ليست علاقة بيولوجية فى المقام الأول ثم تربية واعتناء واهتمام وسهر وجهد مبذول ولكنه قصة روح انقسمت بين اثنين ربط بينهما حبل سرى فأمك هى حبك الأول هى حبك الأخير هى القيثارة التى عزفت لحنا شجى النغمات مازال يتردد على مسامعك أنشودة الحب الخالدة التى أحاطت بوجدانك فأسست فى داخلك بنيان الرحمة والخير _ أمك هى وطنك الذى لاتعرف مكانا آخر تسكنه وعندما ترحل لن تعيش إلا حياة المنفى ستضحك وتمرح بعدها ولكن سيظل بداخلك وجع الانكسار ومرارة الحرمان إلى آخر نفس من أنفاسك وستعرف انك ركبت سفينة اللاعودة لماضيك لواحة الحنان التى سكنتها وأن الشجرة الوحيدة التى احتميت بها من هجير الحياة قد قطعت
_وقد حفل الشعر بروائع جسدت الأمومة فنا وإحساسا وعشقا وانبهارا با لقيثارة التى تعزف حنانا وحبا
_ يتحدث الشاعر معروف الرصافى عن فضل أمه عليه وماذا قدمت له صغيرا فيقول :
وجب الواجبات إكرام أمي * إن أمي أحق بـالإكرام

حملتني ثقلا ومن بعد حملي * أرضعتني إلى أوان فطامي

ورعتني في ظلمة الليل حتى * تركت نومها لأجل منامي

إن امي هي التي خلقتني * بعد ربي فصرت بعض الأنام

فلها الحمد بعد حمدي إلهي * ولها الشكر في مدى الأيام
_ يتحدث الشاعر نزار قبانى عن علاقته بأمه وكيف أن الرحيل والفراق لم يمحوا من نفسه الحنين والاشتياق فيقول:
صباحُ الخير يا حلوه..

صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه

مضى عامانِ يا أمّي

على الولدِ الذي أبحر

برحلتهِ الخرافيّه

وخبّأَ في حقائبهِ

صباحَ بلادهِ الأخضر

وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر

وخبّأ في ملابسهِ

طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
_ ويعبر الشاعر الفلسطينى محمود درويش عن حنينه الذى لا ينتهى لذكريات الطفولة التى كانت تربطه بأمه فيقول:
صباحُ الخير يا حلوه..

صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه

مضى عامانِ يا أمّي

على الولدِ الذي أبحر

برحلتهِ الخرافيّه

وخبّأَ في حقائبهِ

صباحَ بلادهِ الأخضر

وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر

وخبّأ في ملابسهِ

طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
بخصلة شعر

بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..

عساي أصير إلها

إلها أصير..

إذا ما لمست قرارة قلبك !
_ وكان رثاء الأم أصدق ما قيل فى شعر الرثا ء لأنه خرج من نفس صادقة أحست وأحبت وأدركت قيمة من نرثى فقال الشريف الرضى متفجعا يرثى أمه:
بكيك لو نقع الغليل بكائي * وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي

وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّيا * لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي

طورا تكاثرني الدموع وتارة * آوي الى أكرومتي وحيائي

كم عبرة موهتها بأناملي * وسترتها متجملا بردائي

ما كنت أذخر في فداك رغيبة * لو كان يرجع ميت بفداءِ
لو كان يدفع ذا الحمام بقوة * لتكدست عصب وراءَ لوائي

فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي * ونسيت فيك تعززي وإبائي

وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ * مما عراني من جوى البرحاءِ

قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا * مِمّا ألَمّ ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي

وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّة * صعب فكيف تفرق القرباءِ

أنْضَيتِ عَيشَكِ عِفّة وَزَهَادَة * وَطُرِحْتِ مُثْقَلَة ً مِنَ الأعْبَاءِ

بصِيَامِ يَوْمِ القَيظِ تَلْهَبُ شَمْسُهُ * وقيام طول الليلة الليلاءِ

ما كان يوما بالغبين من اشترى * رغد الجنان بعيشة خشناءِ
لَوْ كَانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرّة * غني البنون بها عن الآباءِ

شهد الخلائق أنها لنجيبة * بدَليلِ مَنْ وَلَدَتْ مِنَ النُّجَبَاءِ

في كل مظلم أزمة أو ضيقة * يَبْدُو لهَا أثَرُ اليَدِ البَيْضَاءِ

ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ إذا انقضَى * ما يذخر الآباء للأبناءِ

لَوْ كَانَ يُبلِغُكِ الصّفيحُ رَسَائِلي * أو كان يسمعك التراب ندائي

لَسَمِعتِ طُولَ تَأوّهي وَتَفَجّعي * وعلمت حسن رعايتي ووفائي

كَانَ ارْتِكاضِي في حَشاكِ مُسَبِّبا * رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أحشائي
** وأخيرا ستظل الأم هى ذلك النبع الذى لا ينضب معينه ولا ينتهى ستظل السر الذى يربطنا بالخير والرحمة والحنان ستظل الجزء الأكبر من حياتنا الذى يربطنا بالإله العظيم
بقلم حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى