أقلام حرة

 حاتم عامر يكتب ..مجرد رأى لغة الضاد “ترنيمة عشق خالد”

يحتفل العالم كل عام فى الثامن عشر من ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية احتفاء وتقديرا لهذه اللغة العصماءالتى شرفها رب العزة جل شأنه فجعلها وعاء يحمل أسمى معجزة خاطبت أهل الأرض ألا وهى القرآن الكريم ويأتى سبب اختيار هذا اليوم للاحتفال باللغة العربية أن هيئة الأمم المتحدة اختارت اللغة الغراء لتكون ضمن اللغات الرسمية المعتمدة فى أروقتها ومما لا شك فيه أن هذا الاختيار لم يأت مصادفة أوهباء أومجاملة فإن من اختار لا يعرف المجاملة ولكن معرفة بقيمة هذه اللغة وإرثها الثقافي والحضاري الذى لم ترتق أي لغة إنسانية إليها فى هذا المجال فلغة الضاد حملت كل معانى الكمال اللغوي فى كل تفصيلاتها الصوتية والبنائية إلى آخر ما يعرفه أولو العلم بها والدليل على ذلك ما أسلفته آنفا أن ربنا العليم الخبير جعل حروفها النور الذى أضاء الصدور بكتابه العزيز القرآن الكريم وكانت العربية منذ مهدها مصدرا لعزة العرب وفخرهم ثم استمر هذا الفخر وهذه العزة إبان عصر الراشدين حيث ارتبطت اللغة بالإسلام ثم عصر الأمويين وكانت القوة العظمى زمن العباسيين زمن العلوم والفنون والآداب والطرائف * واقع مؤلم* وقد مرت اللغة مع مجيء الغزو العثماني محاولات للنيل منها لكنها صمدت بصمود الأزهر الشريف ولكن فى زمننا هذا بات الأمر جد خطير إذ لم يعد جل الناس بقادرين على فهم معانى العربية الفصحى أو التحدث بها أو التعبير بألفاظها أو تذوق جمالياتها وبدائع بلاغتها أو التمسك بالنزر اليسير وهو إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة والمؤسف عدم القدرة على الكتابة الإملائية الصحيحة وكان من نتاج ذلك انتشار العامية بل العامية المقيتة بما تحمله من جفاء للذوق ونبو فى اللفظ وبعد عن تنميق الحديث والارتقاء به * تحديات تواجه اللغة العربية * تواجه لغتنا العصماء فى حاضرها ومستقبلها تحديات كبرى تضر وتزيد الجفاء والغربة والأنين _تحديات داخلية : تتمثل فى طبيعة التعليم الذى لم يعد يركز على تذوق العربية وأسرارها وبالطبع – مع كل الاحترام لمعلمي اللغة العربية –الغالبية العظمى داخل فصولهم لا تتحدث إلا العامية ولا يحببون العربية إلى طلابهم فكانت الكراهية للغة من جانب عدد غير قليل منهم الأسر لم تعد تهتم بتعليم أبنائها اللغة العربية بمهاراتها الأربعة كما كنا نرى قديما بل تعدى الأمر إلى إقبال منقطع النظير باللغات الأجنبية والتعليم الدولي الذى يجعل من اللغة العربية مادة إضافية لا تضاف للمجموع _ تحديات خارجية : تتمثل فى التربص من الحاقدين على الأمة العربية والذين يريدون محو هويتها وتميزها وخاصة فى ظل العولمة وما يعرف بالرقمنة وسيطرة عدد من الدول الغربية على صناعة البرمجيات وهذا بالطبع سيلقى بظلال وخيمة على كل من يقع تحت تأثيره إذ يجعله عرضة للسيطرة عليه فكريا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وهذا يتسق مع حروب الجيل الرابع وفى هذا الصدد أضرب مثالا من التاريخ فعندما احتلت بريطانيا مصر سعت إلى فرض لغتها على المصريين وأتت بأحد البارعين فى هذا المجال فبدأ باللغة العربية يهدمها وعمد إلى عرض أصعب قواعدها وما يصعب فهمه من شعرها ونثرها حتى يحجم طلاب العلم عن دراستها بل الأدهى من ذلك العمل على تحقير شأن سدنتها حتى وصل الأمر أن يكون راتب معلم اللغة العربية أقل من كل زملائه * شبهات وأباطيل * يدعى بعض المتفيقهين أن اللغة العربية غير قادرة على مواكبة العلم الحديث وأن اللغات الأجنبية وحدها المنوط بها ذلك وهذا محض افتراء وزور وبهتان والذى يزيل هذه الشبهة أن اللغة العربية فى عصر الدولة العباسية عصر العلم كانت العلوم تدرس بالعربية وكان العلماء يأتون من كل حدب وصوب ليتعلموا العربية بالإضافة أنها تحوى فى كينونتها كل الوسائل والآليات الفنية التى تجعلها تتعامل مع كل مستجدات العلوم * اللغة والهوية * قد يتساءل شخص ويقول إننا نتحدث العربية بأى طريقة كانت عامية أو فصحى المهم أن نتواصل وليكن التواصل بما يسهل علينا ولكن الأمر ليس بهذه البساطة لكنه أخطر وأبعد من ذلك بكثير لأنه يتعلق بوجودنا بحضارتنا وثقافتنا بمكنتنا بين الأمم والشعوب فإن تخلينا عن لغتنا تخلينا عن كل ما سبق ولننظر إلى من حولنا كان اهتمامهم بلغاتهم مصدرا من مصادر قوتهم وتفوقهم الحضاري فكم عز قوم بعز لغات * مقترحات لإعادة اللغة العربية إلى سابق مجدها* 1_ التركيز على النشء بتعليمهم مهارات اللغة العربية وتحبيب العربية إليهم 2- إطلاق مبادرة التحدث بالعربية الفصحى فى المدارس والجامعات والمنصات الإعلامية 3_ إطلاق مبادرة تحت تذوق الأدب العربي يشارك فيها مجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى للفنون والآداب ووزارة الثقافة لنشر الكتب الأدبية القديمة طبعات شعبية بأسعار قليلة لإتاحة قراءتها لكل المستويات 4- تغيير مناهج اللغة العربية وأن يشارك فى تأليف الكتب أدباء وشعراء وكتاب ومحبون للغة العربية بحيث نقدم لغتنا الحبية فى أبهى حليتها 5- إقامة مسابقات فى القراء ة فى العربية بين طلاب المدارس والجامعات وكذلك فى الآداب المتصلة بها مع تقديم جوائز قيمة برعاية المحبين للغة العربية من الأثرياء وذلك إلى جانب دور الدولة ** وأخيرا فلنقف وقفة مع ضمائرنا مع عقولنا مع قلوبنا وليفعل كل قادر على الفعل ما يستطيع دفاعا عن لغتنا عن عشقنا الأزلي عن لغة القرآن الكريم لغة الحضارة والأدب والشعر إن الذى ملأ اللغات محاسنا * جعل الجمال وسره فى الضاد بقلم حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى