أقلام حرة

حاتم عامر يكتب مجرد رأى..متى نحطم الأصنام ؟

تتميز الأمم المتقدمة والأمم التى ترنو إلى التقدم بأنها تمتلك أنساقا اجتماعية تتصف بالإيجابية المطلقة تجاه كل ما يواجهها من تحديات ومشكلات وما يعترض طريقها من ثوابت عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للتعاطى بشكل أو بآخر مع مستجدات العصر الحديث لذا نجد هذه الشعوب تدير آلة التغيير ما رأت إلى التغيير سبيلا ولا يعنى التغيير محاربة الماضي او التخلي عنه أومحوه ولكن يعنى النظر إلى الماضي وما ترسخ فيه وعنه نظرة محايدة تأخذ أحسن مافيه وما يصلح أن يكون أساسا للمستقبل وداعما له وإزالة كل ماورثته من غث تافه
_ ويدخل فى هذا الإطار منظومة العادات والتقاليد الموروثة عن الأجداد والآباء والتي ننظر إليها نظرة القداسة لا لشىء سوى أنها أتت من اناس ننظر إليهم بكل إجلال وتقدير بغض النظر عما تحويه وتشمله هذه التقاليد والعادات من أخطاء أو عند وضعها على ميزان النقد نجد أنها لا تساوى شيئا ولا قيمة لها وقريبا من فكرة التقاليد نجد العادات التى يمارسها الفرد او المجتمع اعتزازا بالنفس وثقة بها مع مجافاة تقييمها وهل هى صحيحة أم أنها قد جانبت الصواب
_ والتقاليد هى عادات ورثناها عن الآباء والأجداد ويتناقلها جيل عن جيل نقلا حرفيا دون النظر إلى مضمونها الفكري او صوابها الاجتماعي
_ والعادات هى سلوكيات وأفعال يمارسها الفرد او الجماعة بشكل متكرر ولما اتصفت بالدوام والاستمرار صارت عادة دائمة للفرد والجماعة
_ ونحن فى مصر ورثنا الكثير والكثير من التقاليد عمن سبقنا والأغلب منها تقاليد بالية لا وزن ولا مقدار لها وننظر إليها كأنها دين نزل علينا من السماء وأضحت هذه التقاليد بمثابة أصنام نضعها فى ساحتنا لا نحاول الفكاك من أسرها حتى اننا لنعجب أشد العجب عندما نرى النخبة المثقفة ينصاعون كغيرهم لهذه التقاليد على الرغم من عدم اقتناعهم بها وبأهميتها وذلك تحت تأثير مجاراة المجتمع تحسبا واتقاء لما قد يصيبهم من نقد وتجريح وهجوم ضار حال التأكد من خروجهم من ميدان التقاليد وعدم الانصياع لها والتعظيم لقدرها كما نمارس عادات تتنافى تماما مع كون الإنسان إنسانا وأن الله سبحانه وتعالى ميزه وأعلى من قدره وكرمه على سائر مخلوقاته فكان الأحرى به أن يكون على مستوى هذا التكريم ويترفع عن كل ما يشينه من عادات تجرفه إلى الحضيض وتقلل من إنسانيته ومن تميزه فى الخلق
_والتقاليد والعادات منها الصالح ومنها الطالح إذن فلننظر إليها بعين الفحص والنقد والتمحيص فنأخذ منها ما يتفق مع ديننا وفطرتنا الإنسانية السوية وأن نترك ونتجنب ما يمثل حجر عثرة فى طريق تقدمنا ونهضتنا وما لا يتماشى مع تحديات عصرنا ونظام حياتنا الجديد بكل مافيه
** أمثلة للتقاليد البالية التى يجب التخلص منها:
1_ المبالغة المفرطة فى مصاريف ونفقات الزواج على اعتبار أن الفتاة التى لا يقدم لها ما تنوء عن حمله الجبال فإن ذلك يعد إهمالا لشأنها وشأن أسرتها وحجة لعدم معرفة الزوج لقيمتها مستقبلا فصار أمر الزواج مشقة وعسرا ويتصل بهذا الأمر إجبار بعض الأسر وخاصة فى ريف مصر والصعيد بناتها من الزواج من نفس العائلة بحجة عدم مصاهرة الأغراب والنظر إلى أن من لم يسبق له الزواج لا ينبغي أن يتزوج بمطلقة وعليه أن يبحث عن فتاة لم يسبق لها الزواج مثله وفى هذا ظلم فادح للمرأة وللمجتمع أيضا فانت لم تعرف الظروف التى أدت بها إلى الانفصال
2- إحجام بعض الأسر عن توريث النساء او إعطائهن حقهن من الإرث نقدا إذا كان الميراث عقارات أو أراض بحجة أن ممتلكات العائلة لا يجب أن تذهب إلى عائلة أخرى إذا كانت الوارثة متزوجة ولا ينظر أصحاب هذا المنطق العفن أنهم يورثون أختهم أو ذوى رحمهم وليس عائلة أخرى
3- إقامة المآتم للعزاء واستقبال الناس مع أن هذا مخالف لصحيح الدين الذى يحاول أن يخفف عن الناس آلامهم وإبعاد كل ما من شأنه تذكيرهم بالحزن والإحباط ويتصل بهذا الأمر الحرص على زيارة الموتى فى الأعياد وما جعل العيد فى الإسلام إلا للفرح والسرور
**أمثلة للعادات السيئة التى يجب التخلص منها:
1- الفضول:
إذ نجد فضولا لدى كثير من الناس أن يتتبعوا أخبار غيرهم ويعرفوا عنهم كل شىء ولا ينشغل هؤلاء بأنفسهم ولكن ينشغلون دوما بالناس وينسجون إبان هذا الانشغال الحكايات والقصص المطولة
2-السلبية المفرطة:
كثير من الناس يمتلكون سلبية شديدة تجاه ما يحيط بهم من أشياء ولا يحاولون أبدا أن يتعاملوا بشيء من الجدية مع ما لا يتوافق مع حركة المجتمع وسلامته
3-النقد المستمر لكل شيء دون محاولة تقديم الحلول النافعة لما ننقده أو تقديم ما يعالج العيوب ومظاهر الخلل
4-العدائية تجاه الآخرين :
يمارس بعض الأشخاص جانبا عدائيا تجاه الآخرين دون أن يكون لهذا العداء مبرر ظاهر أومعروف بل ربما يكون حقد دفين أو شعور بأفضلية غبرهم عليهم هو المبرر وراء سلوكهم
** كيف نحارب التقاليد والعادات البالية:
بطبيعة الحال لن يكون الحل من خلال التربية الأسرية فالفرد قد ورث تقاليده وعاداته من خلال أسرته ونقلا عنها ولكن يأتى العلاج من خلال تضمين مناهج التعليم ما يواجه هذه المعضلات ومن خلال الثقافة الرشيدة المستنيرة ومن خلال أنظمة الإعلام الموجهة التى تواجه الفكر البعيد عن الجادة وعن صحيح الدين
** واخير فإن تخلينا عن التقاليد والعادات السلبية لهو ضمانة لا ستقرار المجتمع وسلامته وتطلع نحو المستقبل بخطى ثابتة واثقة وصعود إلى القمم تلك القمم التى لا تعرف من صعد إليها متخاذلا يملك فكرا عقيما يردده كالببغاء فى صورة أفعال وسلوكيات غير صالحة أتى بها من قبلنا بدافع من جهل وغياب لرؤية وعدم تقدير لنتائج
بقلم
حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى