أقلام حرة

حاتم عامر يكتب مجرد رأى.. هذا الرجل أعظم الآباء

حدثت فى الآونة الأخيرة متغيرات كثيرة فى حياتنا شملت جميع مناحي الحياة ولا شك أن هذه المتغيرات اختلفت فى حدتها ومقدارها ووسائل التعامل معها وعلى الرغم من التأثيرات التى يمكن أن تحدثها هذه المتغيرات على حركة المجتمع فإن الكثير من الناس قد يمتلكون القدرة على المواجهة ولو بدرجات متفاوتة ولكن السؤال الأكثر إلحاحا والذى بات يحتاج إلى إجابة قاطعة باتة ومن الجميع على اختلاف بيئاتهم وثقافاتهم هل يمكن قبول النتائج التى تحدثها متغيرات الحياة على حياتنا الأسرية وبشكل أكثر دقة على أبنائنا وعلى النسق والبناء التربوى الذى نقدمه لهم وإنى لأستبق القول وليغفر لى القارىء الكريم المصادرة على رأيه إن جاء مخالفا لرأيى فى هذه النقطة بالذات لأن الأمر جلل فهو يتعلق بأجيال هى المستقبل لهذا الوطن ومصدر فخره وبنائه هى الامتداد لآبائها وأسلافها هى العنوان على تحضر هذه الأسر وتميزها الاجتماعى
_ وفى مجال عملى فى التدريس لنيف وعشرين عاما وبحكم الاحتكاك المباشر والتفاعل المستمر مع أبنائى من الطلاب على امتداد أجيال متتابعة أدعى أننى قد لاحظت تغيرا مستمرا أخذ يطرأ على هؤلاء الشباب _ تفكيرهم _ ثقافتهم _ ذوقهم العام _ اللغة التى يتحدثون بها _ تعاملهم مع الآخرين …..إلخ ومع أن التطور والتغير سنة كونية ولكن تظل هناك ثوابت لا يمكن المساس بها فهى تمثل خطا أحمر لأنها تتصل بديننا وعقائدنا ونظمنا القيمية التى يرثها جيل عن جيل ولا سيما إذا كان الأمر متعلقا بالتربية والتنشئة الاجتماعية لأبنائنا
_وعبر التاريخ بذل أصحاب المذاهب والنظريات والمنظرون فى العلوم الإنسانية المتصلة بالإنسان ودراسة حركته فى الحياة وخاصة علمى الاجتماع والأخلاق جهودا حثيثة فى وضع تصورات لنظم تربوية ترتقى بحياة الإنسان وتحقق الحياة المثالية للإنسان على وجه الأرض
_ ومع تعدد النظريات والاتجاهات والتعرض لها بمنطق النقد والتحليل المحايد نجد بها قصورا فى بعض الجوانب ولكن النموذج الأسمى الذى يمثل نظاما مثاليا متكاملا للتربية والتنشئه الاجتماعية ولم تشبه شائبة عند التطبيق العملى فقد تطابقت فيه النظرية والتطبيق هو النظام التربوى الذى وضعه المعلم الأعظم والأب المثالى الذى لم يعل عليه أحد ولم يسبقه أحد ألا وهو سيد الخلق سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ فالنظام التربوى الذى وضعه وطبقه وأثمر رجالا تربوا فى مدرسته فكانوا ملء الدنيا كانوا نماذج بشرية يحتذى بها ولا غرابة فى ذلك فهذا النظام التربوى الذى أسس له الرسول صلى الله عليه وسلم كان نظاما إلهيا ربانيا فهو صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى (إن هو إلا وحى يوحى )
_ ونحن الآن بحاجة إلى الاقتداء والـتأسى به صلى الله عليه وسلم ونحن نربى أبناءنا لنصل بهم إلى بناء شخصية متوازنة مثالية تنفع نفسها وتنفع وطنها وتكون قرة عين لأبويها
** الأساليب التربوية عند النبى صلى الله عليه وسلم:
_ جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين مجموعة من الوسائل والأساليب التى يغلفها غلاف المنطق والقبول العقلي منها :
1_ الإقناع العقلي:
فكان رسول الله يبنى نظامه الأخلاقي معتمدا على الإقناع وليس قبول الشيء على أنه مسلمات
مثال:
جاءه شاب يطلب منه أن يبيح له الزنا فكان المتوقع أن الرسول سيثور فى وجه الشاب وينهره ولكنه سأله هل ترضاه لأمك أو لأختك أو لأحد من أهلك فأجاب الشاب بالنفى فقال له رسول الله هكذا الناس فاقتنع الشاب وطلب منه المغفرة
2_ الحوار والنقاش :
اعتمد الرسول صلى الله عليه وسلم على أسلوب الحوار والنقاش فى التربية
مثال:
عندما وزع الغنائم فى غزوة حنين فأعطى المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار فبلغه حزن الأنصار فذهب إليهم وحاورهم وموقفه أيضا فى غزوة بدر عندما أمر الصحابة أن يعسكروا فى موضع فجاءه الحباب بن المنذر يسأله عن هذا الفعل أهو أمر من الله أم من عند رسول الله فأخبره الرسول أنه رأيه فتحاور الرسول مع الحباب وناقشه ثم اقتنع برأى الحباب
3_ النموذج القدوة :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل القدوة لأصحابه والقدوة للنشء
مثال:
عندما خرج فى سفر مع جمع من أصحابه وأرادوا ذبح شاة فقال أحدهم على الذبح وقال الثانى على تقطيعها وقال الثالث وأنا على طهيها أما هو صلى الله عليه وسلم فقال وأنا على جمع الحطب
4_التوجيه غير المباشر:
يعد التوجيه غير المباشر نوعا من الرقى فى تعامل الآباء مع أبنائهم وقد استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم استغلالا جيدا فى التربية
مثال:
أنه كان يستخدم عند التوجيه تعبير ما بال أقوام دون أن يسمى أحدا بعينه
5_ حسن استثمار المواقف :
كان الرسول لا يترك مناسبة أو موقفا يمر دون أن يستثمره أو يستغله لتقديم قيمة أو الحث على فضيلة
مثال:
عندما ركب عبدالله بن عباس خلفه الدابة لم يضع رسول الله الوقت بل استثمره فى تقديم النصح لابن عباس ( حديث يا غلام إنى أعلمك كلمات)
6_التشجيع والثناء :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبتعد عن كل ما يحبط الناشئة أو يدفعهم للتكاسل
مثال:
عندما سأله أبو هريرة رضى الله عنه من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فأجابهصلى الله عليه وسلم لقد ظننت أن لايسألني أحد عن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث
7_ الجمع بين الترغيب والترهيب :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجمع بين الترغيب والترهيب فلا يمكن أن تقوم التربية عىلى الترهيب فقط أو الترغيب فقط
8_ التربية بالحسنى والموعظة الحسنة :
فكان صلى الله عليه وسلم رحيما فى تقديم الموعظة لينا رؤفا فى تقديم النصح
9_ استخدام القصص القرآنى فى التربية:
كان القصص القرآنى وسيلة من وسائل الرسول صلى الله عليه وسلم فى التربية وليس مادة للتسلية والترويح عن النفس مصداقا لقوله سبحانه وتعالى(واقصص القصص لعلهم يتفكرون)
_ ماسبق يمثل جزءا بسيطا من فيض النبوة فى مجال التربية وإعداد النشء فهو صلى الله عليه وسلم أتى بنظام أخلاقي وتربوي متكامل يعبر عما أراده رب العزة جل شأنه لعباده من السعادة فى الدارين
** وأخير يجب أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا وأسوتنا الحسنة ونحن نربى أبناءنا وننشئهم ولندرك جيدا أن ما وضعه الرسول الكريم من منظومة أخلاقية كانت منظومة عصماء من الزلل خالية من العيوب والنقد صالحة لكل زمان ومكان تضمن للإنسان توازنا بين ماهو مادى وما هو روحى _ صلى الله وسلم وبارك على من كان خير معلم وخير أب وخير نبى رحم الله به الأرض وأهلها
بقلم
حاتم عامر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى