حاتم عامر يكتب ” مجرد رأي”

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
تذكرت الحكمة الشعرية السابقة وأنا أتابع المبادرة التى أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عبر قنواتها الفضائية والتى تهدف إلى إعادة تأهيل القيم والمثل العليا التى كادت أن تندثر من مجتمعنا.
وتذكرت معها فصول كتاب عظيم هو(( فجر الضمير )) لعالم المصريات الإنجليزى ( هنرى برستيد ) والذى برهن من خلاله على أن المصرى القديم بنى حضارته العظيمة والتى تعد مضرب المثل فى كل حدب وصوب وعلى مدار الزمان / بناها على منظومة قيمية متناسقة الأركان والمعالم واستدعى داخل هذه المنظومة كل تفاصيل حياته بحيث تتماشى هذه التفاصيل مع أنساقه الأخلاقية والتى جاء مصدرها فطرته النقية وبريق الخير المتصل بنفسه وروحه .
والمتتبع لحركة الأديان والرسالات السماوية يجدها جاءت لتؤكد على دور الأخلاق فى مسيرة الإنسان عبر الزمان.
وخير شاهد على ذلك ديننا الإسلامى الحنيف فقد أكد رسولنا الكريم على هذا المبدأ عندما قال (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) وقال أيضا (( الدين المعاملة )) وبذلك فالإسلام ليس دينا كهنوتيا منغلقًا على العبادة فقط ولكنه دين أساسه حسن التعامل بين المسلمين بعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم من سائر البشر
وقد ترجمت تلك المعانى إلى واقع معاش فملك المسلمون الأوائل الأرض ليس بحد السيف كما يعتقد البعض ولكن بأخلاقهم ومثلهم العليا
وإذا كانت مصر هى صاحبة الحضارة التلدة ومنارة الإسلام ودرته الغراء فيجب علينا ونحن نؤسس لجمهورينا الجديدة أن نجعل أخلاقنا الجميلة فى الصدارة أن نحولها إلى أسلوب حياة بالمعنى الواسع والفضفاض للأخلاق
أن تكون أخلاقنا إلهامًا ووحيا من ضمائرنا النقية الطاهرة التى عرفت الإله وأيقنت دورها فى الحياة وقيمتها فاستماتت فى الوصول إلى النجاح والخلود
وفى هذا الإطار يجب أن يتخذ كل فرد من أبناء هذا الشعب من نفسه النموذج القدوة الذى / وللأسف غاب فى كثير من الأحيان
وإننى آتساءل هل أنتم معاشر الآباء والأمهات كنتم النموذج القدوة لأبنائكم حتى يخرجوا إلى المجتمع بما أخذوه عنكم
ألستم ياجموع المعلمين ورثة الأنبياء وقد قال نبيكم الكريم (( إنما بعثت معلمًا )) أجعلتم من أنفسكم قدوة صالحة لتلاميذكم هذبتم أرواحهم الطاهرة لتكون حمائم للسلام وجنودًا تبنى الوطن وتذود عنه
وليعلم الجميع أنه إن غابت القدوة غابت الأخلاق فانزوى الوطن بعيًدا عن الحضارة
وأخيًرا نتذكر معًا قول الشاعر :
أقيموا دولتى على العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدى
عاشت مصر حرة أبية بأخلاق أبنائها البررة الذين أيقنوا أن مكارم الأخلاق عنوان على رقيهم وحضارتهم وطريق إلى غدهم المشرق المأمول.