فى فن معرفة الناس هل سوء الظن من حسن الفطن

مجرد رأى
(فى فن معرفة الناس هل سوء الظن من حسن الفط؟)
الإنسان كائن اجتماعى بطبعه خلق بفطرته على التجمع مع الآخرين والاندماج معهم جماعات وأفرادا لا يرغب عن الابتعاد عنهم ما وسعه إلى ذلك سبيلا يقيم معهم الصلات وينشىء بينه وبينهم الصداقات وتمتد الأحاديث بينهم تتوشح بوشاح الألفة والمحبة التى لا يعلم سرها إلا من أودعها فى تلك القلوب ويمر الدهر وتتعاقب السنون وتأتى اللحظة الحاسمة فى حياة كل إنسان ليجلس ويقيم تجربته فى الحياة هل كان على حق فيما ادعاه من معرفة حقيقية بالناس أم أنه عاش وهم الخداع الذى تجرعه وهو يستسيغه رغم مرارته التى ذاقها ولكنه أقنع نفسه كاذبا بحلاوة طعم الحنظل الذى تجرعه فاستطابه عن قصد أو عن غير قصد ويجلس المرء بعد فشل تجربته مع الناس ومع من توسم فيهم الخير بين أمرين الانكسار والانزواء يعيش عالمه الذى فرضه على نفسه حزينا متألما أويعيش فاقدا الثقة فى كل ما حوله وهو فى الأمرين يعيش حالة من حالات الندم على سوء اختياره
_ ويرجع السبب وراء ذلك أنه جهل كيف يتعامل مع الناس أو كيف يختار الناس الذين سوف يشغلون حيزا فى حياته ويكونون له ذات يوم الروح والعقل ولا يستطيع عنهم انفكاكا وعندما يخالطهم ويتعامل معهم ويصل إلى قمة الانداج الروحى معهم يكتشف بشاعة هؤلاء وخبثهم وجرمهم فى حقك وأنك أخطأت بمعرفتهم واقترابك منهم
_صور لنماذج خادعة من البشر:
1_الشخصية الناعمة : التى تخدعك بادعاء الهدوء والرقة والطيبة وتظهر لك غير ما تبطن من الكذب والخداع يوحى لك منظرها بأنها شخصية مثالية وما هذا البريق وهذه النعومة إلا ملمس الأفعى القاتلة التى تخدعك بلونها وملمسها فإذا أمنتها التفت حول عنقك وجسمك وأفرغت سمها فيك فأردتك قتيلا
2_الشخصية مدعية التدين:- وما أكثرها فى زمننا – تجد صاحب هذه الشخصية لا يهتم ولا يأخذ من الدين إلا المظهر والسمت إذا تحدث إليك بهرك بكلامه و أقنعك برأيه واتخذك تابعا له وإذا فتشت عنه وجدته ظل الشيطان على الأرض مفسد ما استطاع إلى ذلك سبيلا محشو بالكذب والضلال وإيذاء الناس لا يرقب فى مؤمن إلا ولا ذمة وإذا خلا بمحارم الله انتهكها
3_الشخصية مدعية العلم : هو الجاهل الذى تزين بزى العلماء يدلى بدلوه فى كل الأمور عن جهل وحمق ويحاول أن يفرض رأيه حتى على ملاك العلم والحقيقة المطلقة
4- الشخصية مدعية الإخلاص: وهى الشخصية التى تصادفها كثيرا فى بيئة العمل تحاول جاهدة أن تظهر لمن يملك زمام الأمور أنها أكثر الرجال إخلاصا وحرصا ولولاها لمادت السفينة وغرقت فى بحر سحيق لا نجاة منه وهذه الشخصية تجدها هة شخصية كل العصور كالحرباء تتلون حسب نوع واتجاه ورؤية من يقود السفينة وفى حقيقة الأمر ما دفع هذه الشخصية إلى ما تفعل إلا مصالحها الشخصية ومنفعتها حتى ولو أدى الأمر إلى دمار وخراب ما يدعى أنه مخلص له أو يحافظ عليه
5_الشخصية المتسلطة:هى تلك الشخصية التى لا تؤمن إلا بنفسها وترفض قبول الآخر شكلا ومضمونا تدعى بأنها شخصية ملهمة قد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب تقصى كل ما عداها وتبعده وتقلل من شأنه ومن إنجازه حتى لا يزاحمها فيما تريد أن يظل فى يدها من سلطة لا قيمة لها ولا هى جديرة بها
6- شخصية على بيه مظهر: وهذه شخصية لا تملك نفسك من الضحك عندما تتعامل معها فهى شخصية مريضة تعانى من عدة مركبات من مركبات النقص والدونية وتحاول أن تستعلى على الأخرين وتظهر لهم أنها تفوقهم فى كل شىء وللأسف هذه الشخصية أو الأضحوكة خالية الوفاض من كل شىء
7_شخصية تمثل أنها كيوت : وهذه الشخصية كثيرا ما توجد فى عالم النساء تخدعك بملامحها البريئة التى لا دخل لها فيها وبتصرفاتها المفتعلة وبابتسامتها المصطنعة وبرقتها التى يضرب بها المثل كذبا فإذا شاهدتها على حقيقتها أو تعاملت معها تعتقد أننك كنت تتعامل مع كائن من كوكب آخر وارتدت ثوبها الحقيقى (ثوب معلمىة المدبح)
8-الشخصية المستدرجة المتحايلة :وهى الشخصية التى تتحايل عليك وتخدعك لتعرف أسرارك ونقاط ضعفك لتتخذها سلاحا تشهره عليك فى الوقت المناسب وبمعرفتها لنقاط ضعفك يمكنها ان تتلاعب بمشاعرك وعواطفك كما يحلو لها
9- الشخصية الفاضحة : وهى الشخصية قريبة الصلة بالشخصية السابقة ولكن هذه الشخصية تكون أكثر خبثا وإيذاء من غيرها فهى التى تتعرف أخبارك وما بداخلك لتشفى مرضا فى نفسها وهى فضح الآخرين كما تفعل المرأة اللعوب التى تدعى حب إنسان لتوقعه فى شباكها فإذا حدث مرادها اتخذت ذلك ذريعة لتفضحه بين أترابها لتصبح بينهن تريندا
10- الشخصية الحاقدة الناقمة: وهى الشخصية التى خلا قلبها من المحبة والود للآخرين لا تعطى نفسها الفرصة للتسامح والتصالح يحركها دائما العدوان والتآمر والكراهية
**كيف نتعامل مع الشخصيات السابقة فى رحلة الحياة:
– النفس الإنسانية معقدة لمدى بعيد فى تكوينها بحيث لا يسهل فهم أبعاد الشخصية ومحدداتها بشكل واضح خاصة إذا كانت تلك الشخصية تمارس الكذب والتضليل للتحايل على الآخرين والايقاع بهم لذا يجب الحذر عند التعامل مع البشر ذلك الحذر المحايد الذى يأخذ جانب الحيطة والتوسط وعدم الثقة المطلقة فى الآخرين تلك الثقة التى تعود عليك بالندم والحسرة وتلك بعض مضادات الخذلان فى التعامل مع الشخصيات السابقة
1- لا تفصح عن شخصيتك الحقيقية فى التعامل معها حتى لا تمارس عليك ضغطا من جانبها يضعفك ويؤثر فيك
2- كن مستمعا أكثر منك متكلما وإياك من البوح بما فى داخلك لأى إنسان فلا يوجد إنسان على وجه الأرض مؤهل للحفظ والكتمان ورحمتك فصديق الأمس هو عدو اليوم وحبيب الحاضر هو من سيغدر بك فى المستقبل
3- تعامل مع كل شخصية حسب ما تعاملك بك وإياك أن تعطى الدنية فى نفسك فلا تتواضع لمتغطرس ولا تف لخائن ولا تغيتر بنعومة مداهن
4- لا تجعل أحدا أغلى من نفسك فعندما تحب نفسك ولا أقصد الحب هنا الأنانية والأثرة , ستعرف كيف تعامل الجميع
5- كن واثقا من نفسك ومن قدرتك على أهدافك فى الحياة وأنه لاأحد يملك لك نفعا ليقدمه ولكنك وحدك القادر على رسم رؤيتك ومشاريعك فى الحياة
6- لا تفرط فى حب الآخرين وتخلص لهم كل الإخلاص فترجع يوم تفقد القدرة على الخذلان كالملك المغلوب الذى خسر كل معاركه وحكم عليه بعدم الموت ليحيا متألما على ماضيه
** وأخيرا الحياة رحلة سنصادف فيها الكثير امتزجت أحداثها بالأفراح والأتراح بالسهل واليسير بالألم والراحة تشابكت فيها الأفعال والفعال وقف فيها الشر بالمرصاد للخير لا تستقيم على حال فلنعش حياتنا بتوازن وتوسط وأن نرتقى بأفعالنا وأن نحترم أنفسنا فلا نعرضها لما يشينها فى علاقات اجتماعية فاشلة مع أناس لن ينالنا منهم إلا الإساءة والوجع وعدم الاحترام وليكن سعينا فى الحياة إيمانا بالله ينجينا وعملا يرفع ذكرنا وهدفا نبيلا نرنو إليه
بقلم
حاتم عامر