مجرد رأى “الخامس من يونيو بين مرارة الذكرى ودروس الحدث”

مجرد رأى
(الخامس من يونيو بين مرارة الذكرى ودروس الحد)
تحل علينا كل عام فى الخامس من يونيو ذكرى مؤلمة على كل مصرى بل وكل عربى ألا وهى ذكرى نكسة يونيو 1967 عندما تمكنت إسرائيل مستخدمة سلاح المراوغة والخديعة من مباغتة قواتنا المسلحة والقوت المسلحة فى سوريا والأردن وقامت على إثر هذه المؤامرة باحتلال شبه جزيرة سيناء فى مصر وهضبة الجولان فى سوريا والضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة فى فلسطين ومنطقة وادى عربة فى الأردن وقد فعلت إسرائيل ما فعلت بدعم وتأييد الدول الاستعمارية لم تنس أطماعها فى مصر وخيراتها وآلمها ما وصلت إليه مصر من قوة عسكرية إبان ثورة يوليو 1952فاستخدمت هذه الدول أداتها الإجرامية المتمثلة فى ذراعها الخبيثة التى زرعتها فى بلاد العرب لتنفذ جرمها وبالطبع فإن إسرائيل كانت حريصة هى الأخرى كل الحرص على النيل من مصر منزعجة من قوتها المتنامية ختى تتمكن من تحقيق حلمها الأبدى دولة إسرائيل التى تمتد من النيل إلى الفرات ووقف الصديق متخاذلا بل ساهم بتضليله للقيادة السياسية من حبك المؤامرة والتمهيد لها وأعنى بالصديق هنا الاتحاد السوفيتى سابقا والذى ابلغ سفيره فى القاهرة فى فجر الخامس من يونيو الرئيس جمال عبد الناصر أن إسرائيل لن تكون البادئة بالهجوم وبعدها بساعات قلائل هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية مصر فكانت النكسة المدوية التى أوجعت مصر شعبا وقيادة ولكن مصر الأبية المقدامة لم تحن الرأس ووقفت كالأسد الجسور صامدة صابرة تضمد جراحها حتى تحين ساعة الثأر
_وأنا هنا لست معنيا بسرد مجريات الحرب وأحداثها وإن كنت سأشير إجمالا إلى أحداثها لان ما يشغلنى هو الدروس والعبر المستفادة من هذه الحرب والتى ستكون بمثابة السراج الذى يضىء لنا قادم مستقبلنا
_مقدمات الحرب:
بدأت بوادرالحرب عندما بدأت إسرائيل بإجراءات عدائية تجاه سوريا الشقيقة والتى كانت تربطها بمصر اتفاقية عسكرية للدفاع المشترك فاتخذ جمال عبد الناصر مجموعة من الإجراءات فى مقدمتها إغلاق خليج العقبة فى وجه السفن الإسرائيلية وقام بتعبئة وحشد الجيش المصرى على الحدود مع فلسطين المحتلة وقد اعتبرت إسرائيل هذه الإجراءات تصعيدا مصريا ضدها وضد أمنها ومن ثم قامت بضربتها المعادية الغادرة ضد بلدنا وضد جيشنا
_ مقولة صادمة :
أسلفت آنفا أن الذى دفعنى للحديث فى هذا الموضوع هو كيف نستفيد من دروس الحرب وعبرها وليس مجرد حديث عن أحداث الحرب وتفاصيلها فهذا محله كتب التاريخ ووثائق الحروب ومراجعها والذى دفعنى للحديث فى هذه الزاوية من الموضوع هى عبارة قرأتها فيما تم توثيقع عن هذه الحرب فعندما كلف رئيس الوزراء الإسرائيلى آنئذ ليفى أشكول وزير دفاعه موشيه ديان بإعداد خطة لمهاجمة مصر وضربها فإذ بالأخير لم يبذل جهدا فيما كلف به فأحضر نقس الخطة التى سبق لإسرائيل تنفيذها فى حرب العدوان الثلاثى 1956والتى تقوم على ضرب جميع القواعد الجوية العسكرية البمصرية فى وقت واحد ثم القيام بتوغل مفاجىء فى شبه جزيرة سيناء واحتلالها فما كان من ليفى أشكول سوى الاستهجان بما فعله موشيه ديان كيف توضع خطة لحرب قادمة بنفس أحداث وتفاصيل عملية عسكرية تم تنفيذها على أرض الواقع وعرفها المصريون ودرسوها فكان جواب موشيه حاضرا قاطعا باتا فقال (إن العرب لايقرءون وإذا قرءوا لا يستوعبون ) والذى كان يقصده وزير الدفاع الإسرائيلى هى قراءة أحداث التاريخ ووقائعه وأخذ العبر والدروس المستفادة منه
**الدروس المستفادة من نكسة يونيو
1- دراسة العدو الذى نواجهه دراسة تفصيلية شاملة نحدد من خلالها نقاط ضعفه وقوته حتى نتمكن من مواجهته فقبل الخامس من يونيو لم نكن نعرف عن إسرائيل من الداخل إلا النذر اليسير
2- عندما نخطط يجب أن يكون التخطيط واقعيا يأتى مسندا على قدرتنا ومدى جاهزيتنا للمواجهة وليس على الخطب العنترية والصيحات الرعناء
3- يجب أن نمتلك تصورا متكاملا لإجراءلت الحرب هذا التصور يكون أساسا فى وضع قرار متكامل لإدارة المعارك يسهم فى تحقيق النصر
4- عندما نتخذ القرار لا بد أن تكون كل إجراءات تنفيذ هذا القرار متكاملة متناسقة
5- توفير المعلومات الدقيقة التى تركز على كل التفاصيل التى نحتاج فى الحاضر والتى يمكن أن نحتاج إليها مستقبلا
6- السرية المتدرجة والتى تتيح للمنفذ المقاتل الاستفادة من عنصر الوقت كما حدث فى حرب أكتوبر المجيدة فلا يمكن تجميع كل خيوط المعلومات فى ايدى مجموعة قليلة فهذا يؤدى إلى الاضطراب فى التنفيذ الميدانى
7- أثبتت حرب يونيو ضرورة الاعتماد على النفس وعدم الثقة فى الآخرين
8- لفتت هذه الحرب أنظار القادة العسكريين أن الحروب ليست استعراضا للعضلات ولكنها تقوم فى أساسها على العلم والمعرفة
9- أشارت الحرب إلى أهمية النقد الذاتى القائم على ضرورة النظر إلى السلبيات ومواجهتها بدلا من النظر إليها على أن تذكرها نوع من جلد الذات
10- أثبتت حرب يونيو أهمية التضامن والتكاتف العربى بين كل الأقطار العربية فالعدو واحد والمصاب مشترك
**وأخيرا فإن حرب يونيو1967 لم تكن حربا بالمعنى الاصطلاحى للحروب تقوم على المواجهة فإن جيشنا ظلم ظلما بينا فقد كانت مؤامرة دولية فى حق مصر وعندما ننظر إلى الدروس المستفادة فيجب ألا ننظر إليها فى مجال الحرب والقتال فقط ولكن يجب أن يتسع المجال ليشمل جميع مناحى الحياة وجميع ما نواجهه من تحديات وأزمات حينئذ نكون قد استفدنا من التاريخ دروسه وأحداثه
بقلم
حاتم عامر