مجرد رأي ” المشهد العربي بين آلام الواقع وأحلام المستقبل”

الأمة العربية أمة عظيمة بتاريخها الحضاري والإنساني كريمة بطبائع شعوبها لعبت دورا فعالا ومؤثرا عبر آلاف السنين مما أهلها لتكون خير أمة أخرجت للناس عندما اختارها رب العزة جل شأنه لتحمل مشعل النور والهداية للناس قاطبة فى كل مكان على وجه البسيطة لتكون المرشدة والآخذة بيد البشر إلى أفاق الدين الخاتم الإسلام فصارت تلكم الأمة حامية الإسلام والمبشرة بفجره الجديد الذى أطل على العالم بريقه وقد أضفى الإسلام على هذه الأمة عنصر المهابة والقوة ولكنها قوة العلم وجلاله فالإسلام دين ارتبط بالعلم ومن ثم قامت حضارته وإرثه الثقافي على العلم المادي والديني لذا صارت الأمة العربية عبر مسيرتها الحضارية هى المرجع لشعوب الأرض بعلومها وفنونها وما نهضت أوروبا وما خرجت من ظلامها الدامس إلا بفضل علوم العرب وأدابها ووعيها وإلهامها للعالم
_وقد حبا الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بمميزات ومكارم يعرفها الصغير قبل الكبير من موقع جغرافي متميز وثروات طبيعية وميزات جعلتها مطمعا عبر تاريخها الممتد فجاء الأعداء والطامعون من كل حدب وصوب اختلفت جهات مجيئهم ولكن اتحدت أهدافهم وهى السيطرة والنهب والسيطرة على مقدرات هذه الأمة
_ ودعوني أختلف مع ثوابت التاريخ التى أجمع عليها وهى أن أعداءنا جاءوا للنهب والسرقة تحركهم الأطماع وكنى أقول إنهم عرفوا قدر هذه الأمة وأنها إن قامت ونهضت فكل ما حولها أقزام لا قيمة ولا شأن لهم فنحن للأسف نجهل قدر أنفسنا ولا يعد كلامي هذا نوعا من النزعة الخطابية الإنشائية والدليل على مكانة العرب الطيور المهاجرة من العلماءالعرب التى تقوم على أكتافها الآن النهضة العلمية والتكنولوجية فى كتير من بلاد الغرب وما ( أحمد زويل وفاروق الباز )وغيرهما كثير منكم ببعيد
_ومع انتشار المد الاستعماري للبلاد العربية تنشط حركات التحرر والمقاومة التى تنجح فى كبح جماح المستعمر وتجبره بعد طول مكوث على الرحيل مجبرا يجر ذيول الخيبة ويضيع مشروعه الاستعماري فالوطن العربي تميز بأنه مع طول فترات الاستعمار لم يتحول إلى مستعمرات قابعة ذليلة تدور فى فلك المستعمر ولكن البلاد العربية ظلت محتفظة بهويتها القومية والثقافية على طول الطريق
_ويرحل ا لمستعمر عن بلادنا بعد جهاد وكفاح من أبناء العرب ولكن أحلامه وأطماعه لم ترحل معه ولكنه أجلها بعض الشىء حتى جاء الوقت المناسب واتخذ المستعمر نمطا جديدا فى السيطرة والاستيلاء فخطط لحروب عرفت باسم حروب الجيل الرابع وهى نوع من الحروب الحديثة تقوم فكرتها فى السيطرة على الشعوب والتأثير عليها من خلال خطط ممنهجة بعيدة عن المواجهات العسكرية وهذه الحروب ( حروب الجيل الرابع) تتوغل فى المجالات داخل الوطن السياسية _ الاقتصادية _ الاجتماعية _ الدينية ولعل مؤامرة الربيع العربي كانت إحدى مخططات الهيمنة الاستعمارية وتأثيرها الخبيث إذ نجحت فى نشر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي فى عدد من الدول العربية ومن ثم أوجدت هذه المؤامة الاستعمارية تراجعا فى المشروع التنموي العربي
_ المؤسف فى المشهد السياسي العربي أننا نواجه تحديات كبيرة وخطيرة تؤثر فى حاضرنا ومستقبلنا ولكننا لا نأبه بها ولا نتعامل معها بالشكل اللائق القائم على المواجهة الحاسمة التى تقوم على مرتكزات تمثل انعكاسا للثقل العربي حتى وإن كان متواضعا
** أهم التحديات التى تواجه الوطن العربي:
1_ الخطر الفارسي الإيراني
منذ أن قامت الثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخومينى وهى تمثل حالة من التطرف السياسي فإيران من وجهة نظري دولة بفكر جماعة إرهابية يقوم فكرها المذهبي على فكرة تصدير الثورة ونشر المذهب الشيعى والذى تقوم مرجعيته الدينية على معاداة المذهب السنى كما لا يخفى على الجميع أن إيران تريد أن تمارس نوعا من الهيمنة العسكرية والاستراتيجية فى المنطقة العربية وتريد إحياء حلم الامبراطورية الفارسية
__ أمثلة على التطرف السياسى الإيرانى :
_ دعم إيران لجماعة الحوثي الإرهابية فى اليمن وإمداده بالسلاح مما حول اليمن السعيد إلى ساحة للصراع والحرب الأهلية وبالطبع فإيران فى دعمها لجماعة الحوثي لا تقصد اليمن وحدها ولكن تقصد مصر فتواجد جماعة إرهابية فى اليمن يمكنها التأثير على باب المندب وبالتالي التأثير عل قناة السويس
_ إيران الداعم الأول لحزب الله فى لبنان والذى يلعب دورا خطيرا فى عرقلة الاستقرار السياسي فى هذا البلد الشقيق وحوله إلى مستنقع للطائفية
_ إيران تلعب دورا مريبا فى سوريا وكثير من المشكلة السياسية السورية بسبب ارتباط النظام السوري بإيران
_ كما عانى العراق الشقيق ومازال من التدخل الإيراني المقيت ومن أزنابه الموالين له
_ تم رصد تواجد إيراني فى منطقة شمال أفريقيا وخاصة المغرب وهذا أيضا يمثل خطرا على مصر ودول شمال أفريقيا بالإضافة إلى ذلك فإن إيران على صلة وثيقة بجماعة بوكو حرام الإرهابية فى نيجريا وهذا بطبعه يؤثر عل الاستقرار فى أفريقيا
_ إيران تريد بسط هيمنتها على دول الخليج العربي بل الخليج العربي نفسه وبحر العرب ولاأدل على ذلك من اعتراضها فى الآونة على تسمية بطولة رياضية لإطلاق اسم الخليج العربي عليها
2_الخطر التركي:
يريد الأتراك إعادة حلم الخلافة العثمانية لذلك تعمل تركيا على التعامل مع هذا المشروع من خلال التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد العربية وزرع عناصر موالية لها فى بعض البلاد العربية مثل ليبيا التى كان لتركيا دور مؤثر فى غياب الاستقرار عنها إذ جلبت إليها مرتزقة لزعزعة أمن الدولة الليبية وخلق كيان إرهابي موالى لها من خلال دعم الميليشيات المسلحة
3_ الخطر الصهيوني الإسرائيلي:
على الرغم من أن معظم البلاد العربية بات يربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية ومشاريع تعاون مشترك ومعاهدات إلا أن إسرائيل ستظل العدو الأول للامة العربية لأن الصراع بين العرب وإسرائيل لم يكن أبدا صراع بين قوتين أساسه الخلاف على حدود أو مشكلات سياسية ولكنه صراع عقائدي أيدلوجى فالفكر الصهيوني يقوم على سياسة التوسع والاستيلاء على أراضى الغير وفكرة الدولة العبرية التى تمتد من النيل إلى الفرات فإسرائيل مازالت تمثل خطرا محدقا بالأمة العربية وإن كان الصراع العسكري قد توقف فإنها تمارس حروب الجيل الرابع ضد بلادنا
4_ خطر الإرهاب :
الدول المعادية للعرب تستغل حروب الجيل الرابع ومن عناصرها دعم الإرهاب فى محاولة منها لإضعاف الدول العربية فى محاولة لشغلها عن مشاريعها التنموية واستنزاف مواردها
***نحو مشروع عربي للنهضة:
الوطن العربي يمتلك من الوسائل والآليات ما يمكنه أن يلعب دورا كبيرا فى مسيرة العالم فى المستقبل وأن يتحول إلى قوة ذات ثقل وتأثير على العالم بل يغير موازين القوى كلها ويمكن أن يتم ذلك عن طريق:
– تفعيل فكرة السوق العربية المشتركة
– أن يكون للعرب رؤية سياسة موحدة تجاه مختلف القضايا والمواقف المشتركة
– إعادة إحياء اتفاقيات الدفاع العربى المشترك
– تبنى مشروع علمي مشترك للوطن العربي ينهض بالبلاد العربية جميعها وأن تشارك الدول العربية الغنية بمصادر التمويل
– إيجاد بديل لجامعة الدول العربية _ والتى مع كل الاحترام لها _ لم تحرك ساكنا منذ نشأتها ولا تعرف غير الشجب والتنديد وهذا الكيان يكون أشبه فى آلياته بالاتحاد الأوربى
– تشجيع الاستثمارات العربية فى البلاد العربية بدلا من وضعها فى الصناديق الادخارية العربية بحيث يكون هذا الاستثمار استغلالا للموارد العربية والأموال العربية
– مثال:
السودان يمتلك أرضا من أخصب الأراضي فى العالم لماذا لا يتم الاستثمار الزراعي فيها فتتحول أراضيها إلى سلة الغلال للوطن العربي بدلا من الوقوف على أبواب العالم نستورد منه
** وأخيرا وطننا العربي صانع الحضارة ومهد الأديان قادر أن يتبوأ مكانته الحضارية وثقله الاستراتيجي إذا ما توافرت الإرادة الصادقة والنوايا الحسنة وأن تدرك جميع الدول العربية أن مجدها وحضارتها ومستقبلها مرتبط بأخواتها العربيات وأن الدور الذى ينتظرنا أن نصبح فاعلا بعد قرون رضينا فيها شئنا هذا أم أبينا أن نكون مفعولابه
يا أمة العرب انهضى
مجد يناديك وسؤدد
كونى كما أرادك الإله
خير أمة أخرجت للناس
فى الأمس واليوم والغد
بقلم
حاتم عامر