تحفةٌ طبيعيةٌ عمرُها قرونٌ: مستعمرةٌ مرجانيةٌ ضخمةٌ في البحرِ الأحمرِ

كتبت – أمل دريالة
اكتشافٌ بيئيٌّ نادرٌ يكشفُ أسرارَ صمودِ الشعابِ المرجانيةِ عبرَ القرونِ
عثرَ فريقٌ من الباحثينَ الدوليينَ في اكتشاف علمي مذهل على مستعمرةٍ مرجانيةٍ ضخمةٍ في أعماقِ البحرِ الأحمرِ، يُقدَّرُ عمرُها بأكثرَ من ٨٠٠ عامٍ. وتمَّ الكشفُ عن هذه الأعجوبةِ الطبيعيةِ خلالَ بعثةٍ علميةٍ قادها مركزُ أبحاثِ البحرِ الأحمرِ بالتعاونِ مع جامعاتٍ دوليةٍ متخصصةٍ في علومِ البحارِ.
تمتدُّ المستعمرةُ على مساحةٍ واسعةٍ من القاعِ البحريِّ، ويبلغُ ارتفاعُ بعضِ هياكلِها المرجانيةِ أكثرَ من مترينِ. وأظهرتِ الدراساتُ الأوليةُ أنّ هذه الشعابَ المرجانيةَ تتميَّزُ بقدرتِها العاليةِ على مقاومةِ درجاتِ الحرارةِ المرتفعةِ وظروفِ الملوحةِ العاليةِ التي يُعرفُ بها البحرُ الأحمرُ، مما يجعلُها نموذجًا فريدًا لدراسةِ التكيفِ البيئيِّ الطبيعيِّ.
وأشارَ الباحثونَ إلى أنّ تحليلَ العيناتِ الجينيةِ للمستعمرةِ كشفَ عن وجودِ سلالاتٍ مرجانيةٍ نادرةٍ، لم يتمْ توثيقُها من قبلُ، مما يعززُ أهميةَ هذا الاكتشافِ في إثراءِ المعرفةِ العلميةِ بالتنوعِ البيولوجيِّ البحريِّ.
رسالةُ تحذيرٍ بيئيةٌ
يُعتبرُ هذا الاكتشافُ بمثابةِ رسالةِ تحذيرٍ بضرورةِ حمايةِ الشعابِ المرجانيةِ من التهديداتِ البيئيةِ، وعلى رأسِها تغيُّرُ المناخِ والتلوثُ البحريُّ، إذ تُعدُّ مثلُ هذه المستعمراتِ القديمةِ كنوزًا طبيعيةً نادرةً لا تُقدَّرُ بثمنٍ.
من جانبهِ، أكَّدَ رئيسُ فريقِ البحثِ أنَّ المستعمرةَ ستخضعُ لدراساتٍ موسعةٍ خلالَ السنواتِ المقبلةِ، لفهمِ أسرارِ صمودِها الفريدِ، آملاً أن تُسهمَ النتائجُ في تطويرِ استراتيجياتٍ أكثرَ فعاليةً لحمايةِ الشعابِ المرجانيةِ في مختلفِ أنحاءِ العالمِ.
البحرُ الأحمرُ: جنةُ الغواصينَ ومحطةٌ رئيسيةٌ للسياحةِ البيئيةِ
يُعدُّ البحرُ الأحمرُ واحدًا من أبرزِ وجهاتِ الغوصِ في العالمِ، بفضلِ مياههِ الدافئةِ الصافيةِ وشعابهِ المرجانيةِ الخلابةِ. وتجتذبُ مواقعُ الغوصِ الشهيرةُ مثلُ “رأس محمد” و”الأخوين” و”شعاب دهب” آلافَ السياحِ سنويًّا من مختلفِ أنحاءِ العالمِ للاستمتاعِ بمغامراتِ الغوصِ واستكشافِ عالمٍ بحريٍّ غنيٍّ بالألوانِ والكائناتِ البحريةِ النادرةِ.
وتُسهمُ السياحةُ البيئيةُ القائمةُ على الغوصِ والأنشطةِ البحريةِ في دعمِ الاقتصادِ المحليِّ، مع التأكيدِ على أهميةِ حمايةِ البيئةِ البحريةِ لضمانِ استدامةِ هذه الثروةِ الطبيعيةِ للأجيالِ القادمةِ. ويُتوقعُ أن يُعززَ الاكتشافُ الجديدُ من اهتمامِ السائحينَ وعشاقِ الغوصِ بالبحرِ الأحمرِ، خاصةً مع تسليطِ الضوءِ على أسرارِه المخفيةِ وأعماقِه الساحرةِ.
التزامٌ رسميٌّ بالحفاظِ على المواردِ الطبيعيةِ
أكَّدتِ الدولةُ التزامَها الكاملَ بالحفاظِ على مواردِها الطبيعيةِ، وعلى رأسِها الشعابُ المرجانيةُ الفريدةُ في البحرِ الأحمرِ. وقد أطلقتِ الحكومةُ مبادراتٍ وبرامجَ وطنيةً تهدفُ إلى حمايةِ البيئةِ البحريةِ وتعزيزِ السياحةِ البيئيةِ المستدامةِ، مع سنِّ التشريعاتِ الصارمةِ لمكافحةِ التلوثِ البحريِّ ومنعِ الأنشطةِ الضارةِ بالشعابِ المرجانيةِ.
كما تعملُ الدولةُ على دعمِ الأبحاثِ العلميةِ، وتوفيرِ التمويلِ اللازمِ للمشروعاتِ البيئيةِ، بالشراكةِ مع المؤسساتِ الدوليةِ والمراكزِ البحثيةِ، من أجلِ ضمانِ استمرارِ هذه الثرواتِ الطبيعيةِ وحمايتِها من المخاطرِ المستقبليةِ، مما يُسهمُ في تعزيزِ مكانةِ البحرِ الأحمرِ كواحدٍ من أهمِّ كنوزِ العالمِ البيئيةِ والسياحيةِ.